راحة البدن من راحة العين.. كيف، عندما تغمض العين ليلا وتخلد الى الراحة أليست هي راحة الجسم في النوم. وان كانت راحة الجسم في اغماض العين خلودا للنوم، فإن راحة العين فيما تراه وتشاهده، وفيما تلقاه من اهتمام ورعاية، وايضا في النوم وعدم اجهادها بالسهر.
ولكن دأبت العادة على طول السهر في رمضان امام شاشات التلفزيون وكثرة الفضائيات وتعدد المغريات لجذب المشاهد، وعدا تأثير ذلك السلبي على مناحي حياتنا عامة والاجتماعية والصحية خاصة، فإن العين تتأثر بكثرة وطول السهر وتتعرض للاحمرار والاجهاد والجفاف، وهذا بدوره قد يؤدي الى امور اخرى كالالتهابات وغيرها، خاصة من يعانون من حساسية العين، ولهذا توجد امور ينبغي مراعاتها للحفاظ على صحة وسلامة العين.. فما هي.. وكيف؟
يوضح د. محسن ابل اخصائي جراحة العيون بداية مفهوم النظر وكيفية تكون الصورة فيقول:
باختصار فإن الصورة تتكون على الشبكية، وتقوم العدسة والقرنية بتوضيح الصورة على الشبكية. وفي هذه الحالة يجب ان تكون القرنية والعدسة والشبكية في وضع جيد حتى تكون الرؤية صحيحة.
وفي احوال معينة اذا حدثت مشاكل في القرنية مثل قصر النظر او طول النظر، او ترسبات فإنها تؤدي الى تغيرات في الرؤية، وكذلك في العدسة والشبكية.
هذا فيما يتعلق بالرؤية، اما تركيب العين نفسها فيتكون من الطبقة الخارجية وهي الملتحمة والقرنية تتكون من الاكتودرم، وكذلك من الميزودرم وهي الطبقات الوسطى التي يوجد بها ايضا الاندودرم.. اي ان الطبقات الثلاث موجودة في العين، واي مشكلة ممكن ان تحصل للجسم يمكن ان تحصل ايضا للعين، لأن كل الطبقات الموجودة في الجسم موجودة في العين، فالاكتودرم تحور الى خلايا الملتحمة، والقرنية نفسها تحتوي على مادة الكراتين الموجودة في الجلد ولكنها في العين بكميات قليلة وخلايا معينة، بحيث تمتص الماء وتصبح كالعدسة.
العين تتأثر بمشاكل الجسم
فالقرنية عبارة عن عدسة قوية قوتها 42 دايوبتر، اي ان قوتها اقوى من عدسة العين مرتين، فالعدسة قوتها 21-20 دايوبتر. والخلاصة ان المشاكل التي يمكن ان تحدث للجسم ككل يمكن ان تحدث للعين، ولذلك اذا كان هناك شخص لديه تفاعلات بالمفاصل نجدها تحدث. في العين، لأن الخلايا نفسها الموجودة في المفاصل موجودة في العين.. وكثير من الأمراض التي تتضمن التهاب المفاصل او الروماتويد والروماتيزم ورايتر سندروم، فمن 30 - 40% من هذه الحالات يحدث معها اصابة في العين كذلك.
لأن الجسم عادة فيه اجسام مضادة، وعندما تتعرض الخلية الى مشكلة فإنها تنفتح ويكون بها اجسام مضادة تخرج وتصل الى العين. او يحدث خلل ما على سبيل المثال في الغضروف فإنه يصيب ايضا خلايا معينة او طبقات معينة من العين، مثل اصابة التهابات مشيمة العين 'وهي الطبقة الوسطى'، او ان تحدث في 'صلبة' العين (هي المادة البيضاء في العين والتي تسمى صلبة) فيحدث بها تفاعلات تؤدي الى ضعف البصر.
سائل العين
العين أصلا فيها في الغرفة الأمامية والخلفية سائل حول العدسة، ويسمى الذي في الغرفة الامامية 'سائل العين'. اما في المنطقة خلف العدسة فيسمى 'الجسم الزجاجي'، والعين نفسها تخرج سوائل من الجسم الهدبي تذهب الى جهاز فلتر موجود داخل العين، فيخرج هذا السائل منها، بمعنى ان الماء الموجود داخل العين يتغير في اليوم مرتين.
واذا حدث ولم يتغير نتيجة التهابات فيمكن ان يغلق الفلتر الموجود مما يؤدي الى ارتفاع ضغط العين ومشاكل ثانوية اخرى كنتيجة لهذه الالتهابات الحادثة.
فهل يمكن لهذا الماء 'سائل العين' ان يتأثر بالصوم؟
يمكن ان يتأثر بالصوم، وعادة الماء القليل يؤدي الى هبوط ضغط الماء، وهنا فالصوم مفيد، فإذا صام الشخص انخفض ضغط العين، واذا اكثر من شرب الماء يمكن ان يؤدي هذا الى ارتفاع ضغط العين، وعلى هذا الأساس توجد تجربة نجربها على المرضى الذين نشك في ان لديهم ارتفاعا في ضغط العين. فنجعلهم يشربون ليترا ونصف الليتر من الماء، ثم نخفض ضغط العين بعد قليل فنجده مرتفعا، فهذا يعني ان الصوم يؤدي الى تقليل ضغط العين.
وبالنسبة للسكر يقل في الجسم، وعندما يقل السكر في الجسم فإنه يؤثر في الرؤية فتقل ولكن في الحدود الطبيعية، اما الهبوط الشديد في السكر ففيه ضرر على العين. ولهذا السبب انصح المرضى المصابين بالسكر والذين يأخذون إبر انسولين ويتعرضون للهبوط بألا يصوموا. اما اذا كان مرضى السكر ممن ينظمون سكرهم ويسيطرون عليه ولا يتعرضون الى هبوط فيمكنهم الصيام بلا مشاكل.
اما بالنسبة للمأكولات والأغذية، ففيما يتعلق باللحوم حيث يكثر الناس منها في رمضان، فإن البروتينات الزائدة تؤدي الى تفاعلات في الجسم، فعادة يتعرض من يأكل اللحوم بكثرة إلى ألم وتيبس في المفاصل، وعندما يخفف من أكل اللحوم يشعر براحة أكثر، وتأثير البروتينات عامة غير مباشر حيث تتغير البروتينات في الجسم.
وبالنسبة للأملاح فإن زيادتها تؤدي إلى ارتفاع الضغط، وهذا بدوره يؤدي إلى تأثير الضغط في الشرايين المغذية للعين، مما قد يؤدي إلى بعض التغيرات في الشبكية، فكلما تناول الفرد أملاحا أقل كان أفضل للجسم.
الفيتامينات الأفضل
أما الفيتامينات، بالنسبة لي فإن الأفضل منها والتي أحب أن أستخدمها هي الفيتامينات التي تذوب في الماء، مثل فيتامين C وهو مهم للقرنية حيث يساعد على التئامها. وبالتأكيد فللعين مواصفات خاصة. فالتئام العين مثلا أسرع من الجلد، فقد يلتئم الجلد في أسبوع ولكن العين تلتئم في يوم أو يومين، مما يعني ان قدرة العين على استعادة وتجديد خلاياها أكبر.
ففيتامين C يحافظ على القرنية من الالتهابات وغمامات يمكن أن تحدث، وكذلك يمكن أن يخفف الضغط في حالة الماء الأزرق.
أما فيتامين E فيساعد على ألا يتكون الماء الأبيض.
وفيتامين A بالإضافة إلى مضادات الأكسدة بكل أنواعها يمكن استعمالها، وأنصح أن تكون المواد المضادة للأكسدة طبيعية فهي أفضل وتكون مفيدة للعين، حيث ان فيتامين A ومضادات الأكسدة مهمة للشبكية.
السهر ومشاهدة التلفزيون
وأخيرا نأتي إلى طول السهر ومشاهدة التلفزيون في هذا الشهر، فمعروف ان السهر يقلل الأوكسجين في الجسم، ونتيجة هذا تحاول الشرايين أن تتوسع لتحصل على الأوكسجين ولهذا تتعرض العين للاجهاد ويحمر لونها، ويزداد الشعور بالحرقان والحرارة في القرنية وهذا يؤدي إلى إحساس بالتعب أكثر وجفاف أكثر، والتركيز في مشاهدة التلفزيون يؤدي أيضا إلى جفاف في العين، وننصح بعمل كمادات باردة للعين ولكن من غير ماء لأن الماء يزيد من تورم العين.
جفاف العين والحساسية
الصوم أيضا يمكن أن يؤدي إلى جفاف العين خاصة إذاكان الصائم يتعرض للخروج كثيرا، أو أن طبيعة عمله في الجو الحار، مع العلم ان 80% من الناس عندهم جفاف، والجفاف في حد ذاته ليس خطرا، ولكن يمكن مع الجفاف أن يحدث نوع من الحساسية، أو تزداد عند من لديه حساسية، لأن الدمعة عبارة عن ثلاث طبقات.. طبقة مخاط، ثم طبقة سائل ثم طبقة دهنية عبارة عن غشاء واحد تقريبا، والطبقات الثلاث هذه يجب أن تكون في وضع متناسق مع بعضها، فلو حدث جفاف تنكسر الطبقة الدهنية فيمكن للعين أن تدمع أكثر، وفي الوقت نفسه يوجد جفاف مما يزيد من المواد المسببة للحساسية بشكل أسرع، ويمكن حدوث أي التهابات في العين نتيجة الجفاف، فنحن نخشى أن الجفاف ذاته يؤدي إلى التهابات، فننصح بشرب الماء وعدم الإكثار من الأملاح والبروتينات لأنها هي التي تؤدي إلى الجفاف.
خلطة سحرية
وبالنسبة للكمادات الباردة والساخنة أو الدافئة للعين، فالكمادات الباردة مفيدة للحساسية والتورم، اما الكمادات الدافئة فأنصح باستعمال الماء أو الشاي الدافئ.. وانصح بخلطة سحرية من التمر وزيت الزيتون وقليل من الملح (التمرية) مثل اللبخة، وتوضع على العين في حالات التهابات الجفن أو تكون اكياس او دهون في الجفن، فهذه تؤدي الى خروج الافرازات او الصديد في حال وجود التهاب صديدي، مع الانتباه الى ان العين حساسة للحرارة فيجب التأكد من انها دافئة فقط، وتستعمل الكمادات من 2 - 5 دقائق فقط.
نصائح وقائية
- الاهتمام بنظافة العينين بشكل عام، وبتنظيف الجفون يوميا في حالة التهابات العين حيث يعمل ذلك على التقليل من الالم والاصابة.
- غسل اليدين اولا ثم الجفون بالصابون (بيبي جونسون شامبو اطفال) أو اي نوع آخر يكون الحمض الصابوني فيه PH5.5.
- عدم ادخال الماء في العين عند غسلها أو غسل الوجه فلا ينبغي ان يدخل العين سوى المواد المعقمة مثل القطرات.
- عدم دعك العين وغسلها في حالة الاحساس بالحكة.
- ارتداء نظارة شمسية للحماية من الشمس والغبار.
- شرب سوائل كافية وبكميات طبيعية.
- أخذ فيتامينات معينة خاصة من لديه مشكلة تتعلق بالفيتامينات.
- الاقلال من الخروج والتعرض للهواء الساخن فترات طويلة خاصة من يعملون في الاماكن المفتوحة وفي جو الصيف الحار.
- استعمال القطرات في رمضان لا يفطر اذا وضع الشخص القطرة ثم خفض رأسه قليلا فيمكنه التحكم فيها فلا تنزل الى الحلق.
- اجراء فحص دوري كل سنة بعد سن الاربعين للكشف عن الماء الازرق أو حدوث اي تغيرات.
- من الضروري لمريض السكر فحص عينيه سنويا وبانتظام.
الخميس سبتمبر 27, 2007 10:04 pm
